فساد ما بعد الثورة !!
تصريحات الدكتور أشرف عبد الوهاب، الوزير المفوض باختصاصات وزير الدولة للتنمية الإدارية، التى قال فيها إن معدلات الفساد فى مصر بعد ثورة 25 يناير لا تزال مرتفعة ولم تقل حدتها تدعو حقًا للحسرة والدهشة فى آن واحد.
فالثورة قامت بالأساس للقضاء على الفساد المستشرى فى قطاعات المجتمع المختلفة، ولإعلان العصيان على الوساطة والمحسوبية والرشوة والتزوير والقهر والفقر والتعذيب وغيرها من الآفات التى ميزت عصر مبارك البائد، لكن يبدو أن شيئا من ذلك لم يتحقق وأننا فى حاجة إلى استمرار الثورة حتى نبرأ من كل هذه الأمراض المتوطنة فى مجتمعنا!!
الفساد حقيقة نعيشها جميعا ونلمسها فى واقعنا اليومى ولا أحد ينكرها، ندرك بالطبع أننا لا نسكن الجنة أو عالم المُثل الذى يخلو من المعاصى، وأنه سيكون هناك مذنبون وأصحاب نفوس ضعيفة يسعون إلى السطو على حقوق الآخرين، لكننا كنا نعتقد أيضا أننا فى سبيلنا للقضاء عليهم بعد الثورة، وأن نهايتهم باتت قريبة والقانون كفيل بهم وقادر على استئصال شأفتهم، كما حدث مع أربابهم الذين يقبعون الآن داخل السجون من أمثال مبارك وزبانيته، انطلاقا من أن الوضع فى مصر حاليا اختلف عن ذى قبل، حيث كان الفاسدون فى عهد الرئيس المخلوع دائما ما يفلتون من العقاب، وتربطهم شبكة شديدة التعقيد من المصالح والاتصال، تساعدهم على النجاة كلما سقط أحدهم فى قبضة العدالة.
تجاهل القائمين على هذا البلد للتعجيل بمطالب الثورة والقوى الوطنية المتباينة سبب مباشر فى استشراء المشكلة ويتحملون المسئولية عن الجانب الأكبر منها، بدليل عدم تفعيل قانون الغدر حتى الآن لحرمان مسئولى النظام المنصرم المتورطين فى قضايا فساد من الاستمرار فى مواقعهم، التى اعتدوا بها على المجتمع وعاثوا من خلالها فسادًا فى الأرض!!
يخطئ من يعتقد أن اندلاع الثورة فى حد ذاتها وقضائها على رءوس النظام السابق قد حقق الهدف، أو أن مبارك وأعوانه ممن يقبعون داخل السجون حاليا وحدهم مصدر الفساد فى مصر، ذلك أنهم على مدى ثلاثين عاما مضت أسسوا لقاعدة كبيرة من المرتشين والمزورين، وداخل مؤسسات المجتمع نماذج كثيرة تتعامل بنفس المنطق وأسلوب العمل القديم.
مواجهة هذه المشكلة واجب وطنى يحتاج لارادة، وإلى تكاتف كل أفراد المجتمع سواء فى القمة، ممثلة فى القيادة السياسية أو القاعدة التى تتضمن كل طوائف المجتمع وشرائحه المختلفة.
تصريحات الدكتور عبد الوهاب تكتسب أهمية خاصة كونه يجلس على رأس الجهاز الإدارى للدولة ويلم بكل مشاكله، ومن المؤكد أن شهادته لاتأتى من فراغ ويمتلك من الأدلة وربما الإحصاءات ما يشفع بها رأيه، ومن ثم فلا مجال للتشكيك فيها ولا يجب المرور عليها مرور الكرام.